انسحاب عرمان.. ما وراء القرار!!
..بقلم ضياء الدين بلال
سُئلت من قِبل قناة العربية مساء أمس عن موقف أحزاب جوبا من الانتخابات، قلت: لا أرى لهذه الأحزاب موقفاً يُمكن الحكم عليه.. لكن من الواضح أنّها تبحث بإلحاحٍ عن موقف يحفظ ماء وجهها ووحدتها معاً..!
والسبب بَسيطٌ جداً، وهو أنّ هذه الأحزاب نعم تنطلق من منصة واحدة، لكن للوصول لأهداف مُتعدِّدة ومُتناقضة، وذلك وفق حسابات تختلط فيها المصالح المباشرة بالدوافع النفسية..!
أمس أعْلنت الحركة الشعبية عن موقفها من الانتخابات، المستقل عن أحزاب جوبا، رغم وجودها معهم في تحالفٍ مُشتركٍ. في وقتٍ كانت تنتظر فيه الأحزاب قراراً للحركة تبلغهم به داخل الغرف المغلقة، لتكيّف موقفها وفق إحداثيات موقف الحركة، قبل الخروج للعلن..!
وليست هذه هي الخيبة الأولى للأحزاب المتحالفة مع الحركة، فمنذ أن قدم الراحل د. جون قرنق خارطته الكونفدرالية في اجتماعات الإيقاد في مارس 1997م، كان واضحاً للمراقبين أن الحركة قد قَرّرت فرز عيشتها عن القوى الشمالية..!
وبعد مشاكوس يوليو 2002م التي قسّمت السودان على أساس دولة واحدة بنظامين مُختلفين، أصبح الشمال لا يمثل للحركة سوى مجال حيوي لتحركاتها التكتيكية، بغرض تحقيق مكاسب للجنوب..!
إعْلان الحركة مُشاركتها في الانتخابات، وإن تمّ سحب عرمان، واستثناء دارفور، سيسقط دون شكٍ بصورة مباشرة قائمة الاتهامات المقدمة ضد مفوضية الانتخابات، أو على الأقل سيضعف صدقيتها..!
فإذا كان هنالك فسادٌ في إجراءات المفوضية يخل بنزاهة العملية الانتخابية لا يُمكن التعامل معه بصورة جزئية أو انتقائية، لأنَّ العملية واحدة، لا ينفصل فيها الجزء عن الكل ولا الرئاسي عن البرلماني..!
والأكثر وضوحاً من ذلك، أن تهديد الرئيس البشير بكرت الاستفتاء، هو الذي دفع بالتيار الانفصالي داخل الحركة لأن يُسارع بوضع حَدٍّ لتحركات باقان وعرمان في المجال الحيوي للمؤتمر الوطني، بصورة تدفع بالأخير الى خيار زرع الألغام في الطريق إلى الاستفتاء..!
بالطبع قرار سحب ترشح عرمان قد يفرح الكثيرين داخل المؤتمر الوطني وفي خارجه الموالي، وسيكون مصدر صدمة صاعقة لمناصري عرمان في الشمال ومُعدي حملته الانتخابية الذين ملأوا بصوره الساحات والطرقات..!
ولكن بكل تأكيد الخطوة ستكون بمثابة أهم خطوة تقطعها الحركة الشعبية في الطريق للانفصال دون غطاءٍ تجميلي..!
بل ربما سيكون ياسر عرمان قد اكتشف أخيراً أنَّ الحركة التي كان أحد أهم مُخططيها وصانعي خُبزها في يومٍ من الأيام، لتحقيق حلم السودان الجديد، أصبح الآن - في مفترق قدري - أحد كروتها التكتيكية لدعم المشروع الانفصالي..!
..بقلم ضياء الدين بلال
سُئلت من قِبل قناة العربية مساء أمس عن موقف أحزاب جوبا من الانتخابات، قلت: لا أرى لهذه الأحزاب موقفاً يُمكن الحكم عليه.. لكن من الواضح أنّها تبحث بإلحاحٍ عن موقف يحفظ ماء وجهها ووحدتها معاً..!
والسبب بَسيطٌ جداً، وهو أنّ هذه الأحزاب نعم تنطلق من منصة واحدة، لكن للوصول لأهداف مُتعدِّدة ومُتناقضة، وذلك وفق حسابات تختلط فيها المصالح المباشرة بالدوافع النفسية..!
أمس أعْلنت الحركة الشعبية عن موقفها من الانتخابات، المستقل عن أحزاب جوبا، رغم وجودها معهم في تحالفٍ مُشتركٍ. في وقتٍ كانت تنتظر فيه الأحزاب قراراً للحركة تبلغهم به داخل الغرف المغلقة، لتكيّف موقفها وفق إحداثيات موقف الحركة، قبل الخروج للعلن..!
وليست هذه هي الخيبة الأولى للأحزاب المتحالفة مع الحركة، فمنذ أن قدم الراحل د. جون قرنق خارطته الكونفدرالية في اجتماعات الإيقاد في مارس 1997م، كان واضحاً للمراقبين أن الحركة قد قَرّرت فرز عيشتها عن القوى الشمالية..!
وبعد مشاكوس يوليو 2002م التي قسّمت السودان على أساس دولة واحدة بنظامين مُختلفين، أصبح الشمال لا يمثل للحركة سوى مجال حيوي لتحركاتها التكتيكية، بغرض تحقيق مكاسب للجنوب..!
إعْلان الحركة مُشاركتها في الانتخابات، وإن تمّ سحب عرمان، واستثناء دارفور، سيسقط دون شكٍ بصورة مباشرة قائمة الاتهامات المقدمة ضد مفوضية الانتخابات، أو على الأقل سيضعف صدقيتها..!
فإذا كان هنالك فسادٌ في إجراءات المفوضية يخل بنزاهة العملية الانتخابية لا يُمكن التعامل معه بصورة جزئية أو انتقائية، لأنَّ العملية واحدة، لا ينفصل فيها الجزء عن الكل ولا الرئاسي عن البرلماني..!
والأكثر وضوحاً من ذلك، أن تهديد الرئيس البشير بكرت الاستفتاء، هو الذي دفع بالتيار الانفصالي داخل الحركة لأن يُسارع بوضع حَدٍّ لتحركات باقان وعرمان في المجال الحيوي للمؤتمر الوطني، بصورة تدفع بالأخير الى خيار زرع الألغام في الطريق إلى الاستفتاء..!
بالطبع قرار سحب ترشح عرمان قد يفرح الكثيرين داخل المؤتمر الوطني وفي خارجه الموالي، وسيكون مصدر صدمة صاعقة لمناصري عرمان في الشمال ومُعدي حملته الانتخابية الذين ملأوا بصوره الساحات والطرقات..!
ولكن بكل تأكيد الخطوة ستكون بمثابة أهم خطوة تقطعها الحركة الشعبية في الطريق للانفصال دون غطاءٍ تجميلي..!
بل ربما سيكون ياسر عرمان قد اكتشف أخيراً أنَّ الحركة التي كان أحد أهم مُخططيها وصانعي خُبزها في يومٍ من الأيام، لتحقيق حلم السودان الجديد، أصبح الآن - في مفترق قدري - أحد كروتها التكتيكية لدعم المشروع الانفصالي..!